(أحن إلى خبز جدتي , و شاي جدتي, ولمسة جدتي .. )
استيقظت على صوت الموسيقى من منبه هاتفي النقال متعجبةً :
-: كيف أصبحت هذه نغمة التنبيه , من عبث بهاتفي ؟!
لا يهم , المهم الآن إني أحن فعلاً إلى خبز وشاي بالحليب من يد جدتي رحمها الله
نهضت من سريري , غسلت وجهي ثم وقفت ملياً أتأمل ملامحي في المرآة وحدثت نفسي
-: لست على ما يرام اليوم يا فاطمة
كان لدي شعور بالضعف والذي كان ينزع مني شعور التبلد العاطفي واللامبالاة التي طالما اشتهرت بها , غسلت وجهي أكثر من مره, رحت أهز رأسي بقوه علي أخفي هذا الشعور الغريب المثقل بعوامل مختلفة من الكآبة والحزن, لأعيد وضع قناع البرودة واللامبالاة , تناهى إلى مسامعي صوت سعال والدتي وهي حتما تجهز للذهاب الى عملها ,و أنا تحت تأثير شعوري الغريب هذا الصباح , وكعادتي أخرجت عدة المكياج من حقيبتي لارسم لوحه بوجهي لم أعشر برغبة في اكمالها اغلقت الحقيبه ورميتها,ارتديت ثيابي , وضعت عطرا وبمجرد أن استنشقته حتى خفق قلبي , لشيء ما ذكرتني بها هذه الرائحة لم اعرف ما طبيعته – انها جدتي , لماذا أتذكر جدتي هذا الصباح ؟! – فقط هي رائحة العطور حين تعتادها من شخص ما يكفي فقط أن تشمها بعد حين حتى يخفق قلبك بذكراه , رائحة العطور هي المنعش الأول لأطياف الذاكرة , جلست على حافة سريري ضغطت على رأسي بشده يبدو أن هذا الشعور المفاجئ بدأ يؤذيني.
خرجت من غرفتي وجدت والدتي تجلس في مائدة الافطار لوحدها, خرجت رغما عني جملة – صباح الخير –
أمام المرآة في الممر الذي يفضي إلى غرفتها كانت أختي أمل تقف تتزين تستعد ليومها الدراسي , وحين سمعتني انتبهت ونظرت إلي متعجبة وهي تمسك بخصلات شعرها ثم افترت شفتاها بقول ما لم يكن مفهوما ولكنة يعبر عناستنكارها.
جلست على المائدة , انظر إلى والدتي تحرك الشاي بالحليب بطريقة رتيبة ,ناولتني إياه – شكراً ماما – حين سماعها لكلماتي ظلت والدتي ممسكة بالكوب لفترة حتى لامست أناملها يدي فتركته , أما انا فقد عاودني ذلك الشعور الغريب , أخذت رشفة ثم تأملت الكوب مليا وبدأت احدث نفسي
-: ماذا لو خرجت الآن وإذ بي حين أعود لا أجدها – أقصد والدتي –
نظرت إليها , ترتدي عباءة سوداء , شاحبة اللون , ماتزال حزينة على اخيها الذي ذهب الى خالقه منذ عدة ايام- فهي قد وهبت كل طاقة في حياتها من التضحية والحب لي و لاخوتي , تركزت حول رعايتنا , راحتنا والدفاع عنا حتى على حساب راحتها, ولأول مرة شعرت اتجاهها بمشاعر الابنه لأمها , قطعت حبل تأملاتي امل حين جاءت مسرعة , احتضنت والدتي كثيرا وقبلت جبينها وكفها وطلبت منها أن تدعو لها.
هنا فقط تيقنت أنني تخليت تماماً عن اللامبالاة وتبلد المشاعر , فقد هزني تماماً ما حدث من اختي تجاه والدتي , وقفت , حملت حقيبتي الجامعية , سرت حتى الباب , توقف برهة افكر , ماذا لو اعود الآن لاقبل جبينها واطلب منها الدعاء , ثم استدارت و قلت بفتور
-: أمي تريدين شيئا مني حين أعود ؟
-: أريد عودتك سالمه
خرجت , توقفت على عتبة الباب الخارجية , ثم جلست عليها , هناك الكثير من الأحداث المأساوية المُرة في حياتي , بدءاً من وفاة جدتي و هذا ماجعلني اتحاشاها كثيرا, ثم شعوري بأنها لا تهتم بنا كفاية , وانتهاءه بما حدث في الاسبوع الماضي بيننا من مشادة كلامية و على اثرها القيت بسيل من الشتائم لاهلها , لم تتأثر بما حدث إطلاقا , فقط كانت تكتفي بالنظر الي و الابتسامة
استيقظت على صوت الموسيقى من منبه هاتفي النقال متعجبةً :
-: كيف أصبحت هذه نغمة التنبيه , من عبث بهاتفي ؟!
لا يهم , المهم الآن إني أحن فعلاً إلى خبز وشاي بالحليب من يد جدتي رحمها الله
نهضت من سريري , غسلت وجهي ثم وقفت ملياً أتأمل ملامحي في المرآة وحدثت نفسي
-: لست على ما يرام اليوم يا فاطمة
كان لدي شعور بالضعف والذي كان ينزع مني شعور التبلد العاطفي واللامبالاة التي طالما اشتهرت بها , غسلت وجهي أكثر من مره, رحت أهز رأسي بقوه علي أخفي هذا الشعور الغريب المثقل بعوامل مختلفة من الكآبة والحزن, لأعيد وضع قناع البرودة واللامبالاة , تناهى إلى مسامعي صوت سعال والدتي وهي حتما تجهز للذهاب الى عملها ,و أنا تحت تأثير شعوري الغريب هذا الصباح , وكعادتي أخرجت عدة المكياج من حقيبتي لارسم لوحه بوجهي لم أعشر برغبة في اكمالها اغلقت الحقيبه ورميتها,ارتديت ثيابي , وضعت عطرا وبمجرد أن استنشقته حتى خفق قلبي , لشيء ما ذكرتني بها هذه الرائحة لم اعرف ما طبيعته – انها جدتي , لماذا أتذكر جدتي هذا الصباح ؟! – فقط هي رائحة العطور حين تعتادها من شخص ما يكفي فقط أن تشمها بعد حين حتى يخفق قلبك بذكراه , رائحة العطور هي المنعش الأول لأطياف الذاكرة , جلست على حافة سريري ضغطت على رأسي بشده يبدو أن هذا الشعور المفاجئ بدأ يؤذيني.
خرجت من غرفتي وجدت والدتي تجلس في مائدة الافطار لوحدها, خرجت رغما عني جملة – صباح الخير –
أمام المرآة في الممر الذي يفضي إلى غرفتها كانت أختي أمل تقف تتزين تستعد ليومها الدراسي , وحين سمعتني انتبهت ونظرت إلي متعجبة وهي تمسك بخصلات شعرها ثم افترت شفتاها بقول ما لم يكن مفهوما ولكنة يعبر عناستنكارها.
جلست على المائدة , انظر إلى والدتي تحرك الشاي بالحليب بطريقة رتيبة ,ناولتني إياه – شكراً ماما – حين سماعها لكلماتي ظلت والدتي ممسكة بالكوب لفترة حتى لامست أناملها يدي فتركته , أما انا فقد عاودني ذلك الشعور الغريب , أخذت رشفة ثم تأملت الكوب مليا وبدأت احدث نفسي
-: ماذا لو خرجت الآن وإذ بي حين أعود لا أجدها – أقصد والدتي –
نظرت إليها , ترتدي عباءة سوداء , شاحبة اللون , ماتزال حزينة على اخيها الذي ذهب الى خالقه منذ عدة ايام- فهي قد وهبت كل طاقة في حياتها من التضحية والحب لي و لاخوتي , تركزت حول رعايتنا , راحتنا والدفاع عنا حتى على حساب راحتها, ولأول مرة شعرت اتجاهها بمشاعر الابنه لأمها , قطعت حبل تأملاتي امل حين جاءت مسرعة , احتضنت والدتي كثيرا وقبلت جبينها وكفها وطلبت منها أن تدعو لها.
هنا فقط تيقنت أنني تخليت تماماً عن اللامبالاة وتبلد المشاعر , فقد هزني تماماً ما حدث من اختي تجاه والدتي , وقفت , حملت حقيبتي الجامعية , سرت حتى الباب , توقف برهة افكر , ماذا لو اعود الآن لاقبل جبينها واطلب منها الدعاء , ثم استدارت و قلت بفتور
-: أمي تريدين شيئا مني حين أعود ؟
-: أريد عودتك سالمه
خرجت , توقفت على عتبة الباب الخارجية , ثم جلست عليها , هناك الكثير من الأحداث المأساوية المُرة في حياتي , بدءاً من وفاة جدتي و هذا ماجعلني اتحاشاها كثيرا, ثم شعوري بأنها لا تهتم بنا كفاية , وانتهاءه بما حدث في الاسبوع الماضي بيننا من مشادة كلامية و على اثرها القيت بسيل من الشتائم لاهلها , لم تتأثر بما حدث إطلاقا , فقط كانت تكتفي بالنظر الي و الابتسامة
قلت احدث نفسي :
-: أوه يا الله ما بالي اليوم لست على ما يرام , لأول مرة لا أشعر برغبة في الذهاب إلى الجامعة , ماذا لو وقفت اليوم عارية أمام ربي بأعمالي الخيرة أو الشريرة لأجيب على الأسئلة ؟!
بحسب النتائج المحسوسة ليس لدي رصيد كافي من الأعمال الخيرة تشفع لي أمام ربي , ظللت افكر بشأن محاضراتي , الدكتور مازن يبدو عليه التشدد الذي اكرهه , و هو دائما يحدثنا عن العداله وهو بعيد جدا عنها , اما دكتورابراهيم ,, لا ادري ,, لم اجد فيه عيبا سوى انني لم اشعر بانني في مزاج لتحمله
-: أوه يا الله ما بالي اليوم لست على ما يرام , لأول مرة لا أشعر برغبة في الذهاب إلى الجامعة , ماذا لو وقفت اليوم عارية أمام ربي بأعمالي الخيرة أو الشريرة لأجيب على الأسئلة ؟!
بحسب النتائج المحسوسة ليس لدي رصيد كافي من الأعمال الخيرة تشفع لي أمام ربي , ظللت افكر بشأن محاضراتي , الدكتور مازن يبدو عليه التشدد الذي اكرهه , و هو دائما يحدثنا عن العداله وهو بعيد جدا عنها , اما دكتورابراهيم ,, لا ادري ,, لم اجد فيه عيبا سوى انني لم اشعر بانني في مزاج لتحمله
نهضت , ركبت سيارتي وانطلقت بها ولا زلت أفكر , استوقفني ازدحام شديد . استطلعت الأمر إذ بها قطة مدهوسة بشكل مروع في منتصف الطريق , وأحد عمال النظافة يزيل أشلائها , فُتح جانب من الطريق يسمح بسيارة واحدة فقط للعبور , جاء دوري لاعبر , نظرت نظره خاطفة على بقايا القطه , تفاجأت بقشعريرة بدأت تسري في جسدي , وبتعرق كفيي , وبخفقان في قلبي , أوقف السيارة
-: ويحك يا فاطمة ماذا دهاكِ ؟! حين شاهدت جثة طفل مدهوسة كهذه القطة لم تشعري بهذا الشعور , اكتفيتِ فقط بهز منكبيكِ مستنكرةً , يا ربي ماذا دهاني اليوم هل أنا مريضة ؟! – تحسست حرارة جسدي – أبدا لست محمومة , انه قلبي يخفق بشده نعم .. نعم انه قلبي , لقد نمت متأخرةً ليلة البارحة – نظرت في المرآة أتفحص عيني – ما بها عينيّ تبدو كمن سُكب فيها ماء من المحيط , يبدو أنني أحلم.
أدرت محرك السيارة وسرت بها , توقفت امام سوق الذهب ذو الممرات الضيقة , تجولت فيه , ألقى نظره عابره على امرأة رثة الهندام تجلس على الرصيف برفقتها طفل في الرابعة تستجدي المارة , دخلت محل صائغ الذهب واشتريت قلادة لوالدتي منقوش عليها آية الكرسي , أثناء خروجي عرجت على المرأة رثة الثياب وتركت في راحتها مبلغا لا بأس به من المال , وعدت إلى المنزل , أدخلت المفتاح في القفل وأدرته ,فتحت الباب ودخلت , والدتي كانت تجلس على الأريكة في غرفة الجلوس تقرأ القرآن بصوت خافت , تفاجأت حين شاهدتني و قالت لي:-
-: مابكِ ؟هل حدث لكِ مكروه ؟! لماذا عدتِ ؟ّ ما بك هل أنت مريضه ؟ هل اعتذر استاذك؟
-: ماما .. ماما كل ما هنالك أنني نسيت كتابا وعدت لآخذه , ولكني و جدتها فرصة لأعتذر منكِ و اشتري لك هديه– أخرجت القلادة وألبستها إياها –
-: لماذا يا حبيبتي وجودكِ أنت واخوتك في حياتي هو أكبر هدية بالنسبة لي
احتضنتها بقوه وقبلت رأسها وكفيها , وهي اكتفت بأن رفعت كفيها تدعو لي بدعاء الأمهات, فرحة بما غمرها به من برّ مفاجئ
خرجت من البيت, ركبت سيارتي وانطلقت باتجاه جامعتي يبدو أنني الآن أصبحت اشعر بتحسن ورغبة في حضور محاضراتي الجامعية , و لمَا لا ؟ فدكتور مازن و دكتور ابراهيم من احبُّ الاساتذة الى قلبي
-: ويحك يا فاطمة ماذا دهاكِ ؟! حين شاهدت جثة طفل مدهوسة كهذه القطة لم تشعري بهذا الشعور , اكتفيتِ فقط بهز منكبيكِ مستنكرةً , يا ربي ماذا دهاني اليوم هل أنا مريضة ؟! – تحسست حرارة جسدي – أبدا لست محمومة , انه قلبي يخفق بشده نعم .. نعم انه قلبي , لقد نمت متأخرةً ليلة البارحة – نظرت في المرآة أتفحص عيني – ما بها عينيّ تبدو كمن سُكب فيها ماء من المحيط , يبدو أنني أحلم.
أدرت محرك السيارة وسرت بها , توقفت امام سوق الذهب ذو الممرات الضيقة , تجولت فيه , ألقى نظره عابره على امرأة رثة الهندام تجلس على الرصيف برفقتها طفل في الرابعة تستجدي المارة , دخلت محل صائغ الذهب واشتريت قلادة لوالدتي منقوش عليها آية الكرسي , أثناء خروجي عرجت على المرأة رثة الثياب وتركت في راحتها مبلغا لا بأس به من المال , وعدت إلى المنزل , أدخلت المفتاح في القفل وأدرته ,فتحت الباب ودخلت , والدتي كانت تجلس على الأريكة في غرفة الجلوس تقرأ القرآن بصوت خافت , تفاجأت حين شاهدتني و قالت لي:-
-: مابكِ ؟هل حدث لكِ مكروه ؟! لماذا عدتِ ؟ّ ما بك هل أنت مريضه ؟ هل اعتذر استاذك؟
-: ماما .. ماما كل ما هنالك أنني نسيت كتابا وعدت لآخذه , ولكني و جدتها فرصة لأعتذر منكِ و اشتري لك هديه– أخرجت القلادة وألبستها إياها –
-: لماذا يا حبيبتي وجودكِ أنت واخوتك في حياتي هو أكبر هدية بالنسبة لي
احتضنتها بقوه وقبلت رأسها وكفيها , وهي اكتفت بأن رفعت كفيها تدعو لي بدعاء الأمهات, فرحة بما غمرها به من برّ مفاجئ
خرجت من البيت, ركبت سيارتي وانطلقت باتجاه جامعتي يبدو أنني الآن أصبحت اشعر بتحسن ورغبة في حضور محاضراتي الجامعية , و لمَا لا ؟ فدكتور مازن و دكتور ابراهيم من احبُّ الاساتذة الى قلبي
ويبدو أن الازدحام قد انفض , وفي نفس المكان الذي دُهست فيه القطه عاودني شعور بخفقان شديد في قلبي وعاد ذلك المحيط إلى عيني حتى فقد الرؤية , حاولت أن أوقف السيارة جانبا ولكن يدي كمن تخشبت لم أعد أستطيع لها حراكاً , صوت اصطدام مدوي, ثم , فقداني للوعي.
******************
افاقت فاطمة من الإغماءة الخفيفة أثر الاصطدام حدثت نفسها وهي تتأمل سيارتها كان المشهد الأخير الذي ازدحم في مخيلتها هو حادث الاصطدام
-: السيارة سليمة , و هي كذلك , تساءلت في نفسها :- ألم يكن هناك حادث اصطدام , أعتقدت أنها غفت حين توقفت في المرة الأولى وكل ذاك كان حلم .
استدارت بسيارتها وعادت إلى المنزل أدخلت المفتاح في القفل أدارته , فتحت الباب ودخلت , والدتها كانت تجلس على الأريكة في غرفة الجلوس تقرأ القرآن وتبكي وهي تضم بين كفيها قلادة من ذهب منقوش عليها آية الكرسي , واخوتها كذلك يبكون, خرجت فاطمة وأقفلت الباب وجلست على العتبة الخارجية تحدق في المارة هاربةً من النواح داخل المنزل وقد صُبغ وجهها بصفرة الأموات , بمرارة قالت:
-: لا .. لست بحلم يا فاطمة