(1) الحــيـاة الانـتـخـابـيـة

تقرير خاص لمقرر ( حكومة و سياسة الكويت )

للـدكتور :- غانم النـجار .



أجواء الانتخابات لا تبدو شهية كالعادة، وقبول الناخبين لها فاترة الى حد السقم، والصحف اليومية لا تنقل لنا تفاصيل الأحداث كالعادة ، كل شيء اليوم يدعوا للملل ويحثني على التثاؤب بكسل ، فلا إغراءات يجبلها لنا المرشحون لنذوب معهم، ولا غمزات يشاكسوننا بها لنعاكسهم ونبادلهم الغمزات , فعلاً تبدو الحياة الانتخابية جافة وباردة ، فلا يوجد جمال يغري باقتحامها أو العبث بهدوئها، و لكنني سأتجاهل كل ذلك وسأمضي نحوها فالمواطنون يتعاندون ويتباعدون ولكنني على يقين إنهم سيتواصلون في النهاية ، فلا رغبة لي ولهم بتكرار المأساة مرة أخرى لأن ما حدث في الماضي يكفي .


الجميع في الخارج يذهبون لإنهاء أعمالهم ، لا يأبهون بزوايا المقرات الانتخابية الحادة المشابهة لمفاجات الزمن ، ذهبت إلى احد المقرات أجر معي حماستي المتصنعة ، وفي المقر كانت هناك الآلاف من الكلمات التي تنعش نفسها بنفسها، ولكني لاحظت انه حتى ابتسامات الناس تبدو غريبة في هذه الفترة! فلا روح فيها ولا نبض يحث سعادتها على الخروج بضجيج، ففي كل الفترات السابقة كانوا يملئون المقرات والشوارع بالصراخ وكانت أفواههم المليئة بالكلام السقيم تبدو جميلة رغم حقيقتها المرُه ، المنافسه والحماس التي كانوا يتخبطون بها بينهم وبين منافسيهم كانت مزعجه في ذاك الحين ولكنها الان تُفتَقد من قبل الجميع ، باختصار كانت الاجواء الانتخابية ضاجة بالحياة .
لا اعرف ان كان يجب أن أسعد لأن الاهتمام قد قل بشكل واضح وقد يؤثر ذلك في تغيير الحياة الديمقراطيه التي تعودنا عليها، أم أحزن لأن الاحداث القادمة ستكون اسوأ بكثير عما هي عليها الان ؟!
لا أستطيع أن أتخيل أن كل القرارات الكبيرة والمهمه التي سوف تتخذها حكومتنا ستتنفذ عندما لا يكون هناك مجلس يدعمها او يعارضها رفعت رأسي لأرى الحشود القادمة لسماع ندوة بنت الكويت فلانه بنت فلان لاحظت شرود البعض ، والتهاء البعض الاخر في الاحاديث الجانبية ,لاحظت ايضا برود "استكانات" الشاي وبرود فناجين القهوة التي امامهم .. ما عادت هذه الاستكانات و الفناجين الساخنة تضحكنا ، فالثلج يغرق المكان رغم رطوبة هذا المساء والظلمة تعم المقر رغم أن المصابيح تملأ أسقف المكان، والعيون المفتوحة لا تنقل مشاعرهم الداخليه فأتخيلها مغلقة ، أشكالهم تبدو مملة وكئيبة ، لاشيء يحرك صمتهم ، ولا حتى نسمة هواء تعاند شماغاو شعر أحدهم فيضطر لتحسينه بيده,, يبدو أنني الوحيدة المهتمة بالوضع بينهم ,طبعا بفضل هذا التقرير),فلولاه لكنت الآن جالسة في بيتي تحت فتحات التكييف اتصرف مثلهم تماما، ابتسمت عندما اتت المرشحة لتتحدث عن برنامجها الانتخابي وبدأت اتصنع الاهتمام بما تقوله ،حقيقة استمتعت وانا استمع إلى حلاوة حديثها وحسن إلقاءها ,و أفكارها التي تستطيع إنارة دولة بأكملها , نعم جميع ما قالته في هذه الندوة نحتاجه لتكملة مسيرة الإصلاح,, الآن فقط أكتشف قدرة النساء على التغيير و التطور ، لم أكن أعلم قبل اليوم بأن النساء هن من قد يضعن للوطن ملامحه وينثرن عليه ألوان الزينة وأصباغها، كنت اعتقد أنهن أكثر اهتماماً بزينتهن الشخصية واليوم فهمت جيداً ذلك الرابط العجيب بينهن وبين السياسة و الجمال، ففي الوقت الذي يحددن فيه رسم عيونهن فهن يرسمن للوطن طريق التنمية ، وحين يضعن أحمر خدودهن فهن يزدن الوطن جمالا ورقيا، وفي النهاية الحكاية ليست أصباغ زينة فحسب، إنها ألوان وطن بأكمله ، فبالأمس كانت حرارة الصيف وغبار الخريف وصقيع البرد يعم ارجاء البلاد واليوم وبعد إقرار حقوق المرأة السياسية وبدأ فهن حقيقة دور المرأه أصبح الجو ربيعيا جميلا ونسماته تملئ أرجاء الوطن ورائحة وروده تعبق زواياه ، اخذت ارتشف قهوتي و تفاجأت بملوحته الشديدة ، لا اعلم لما استبدل طاقم الضيافة السكر بالملح !! ربما هي محاولة منها لجعلنا نفهم انه حتى ابسط وأسهل مهمة في هذا لوطن إذا وضعت في يد جاهل لها سيفسدها ويقلبها رأسا على عقب.. فان كنا نريد إصلاح الوطن ,, فالنحسن اختيارنا ..رفعت راسي لاكمل استماعي لها ولكنها انتهت من حديثها وحملت اوراقها وابتعدت قليلاً,, وخيل إلي بأنها كانت تحمل هموم البلد بأكبره بين يديها وهي ترحل ..


بالأمس كان صعباً علي تقبل فكرة " جنس جديد + وجوه جديدة = وطن جديد " ولكنني اليوم اقتنعت بها كاقتناعي بان الموت لابد منه ، وددت أن أخبر الجميع بأن الأحداث السابقة ليست سوى سلوى لنا وبأن الفترة الحالية هي التي سوف تحدد إذا كانت الأحداث السابقة سوف تتكرر ثانية أم لا .. إلى هنا سأ
توقف عن الكتابة فقد كنت أحاول إخفاء اليأس ولكنني بدأت اشعر به الآن ولن استطيع الحديث فلا أريد لأحد أن يتأثر بتفاهتي .