صباح الزحمة يا كويت , صباح الخنقة يا وطن , صباح اليوم يشبه الى حد كبير جميع الصباحات التي مرت علي , ابدأ يومي بشرب كوب من الشاي والزنجبيل حتى يعطيني نشاطا كافيا لابدأ به يومي الطويل , و طبعا كالجميع لايمكن ان يبدأ يومي الا بزحمة سير , لا اعرف لما نكره الانتظار ! حاولت وقتها ان اتبع نصيحة صديق عزيز لدي , حاولت رؤية الجانب الايجابي من هذا الانتظار الذي يبدو انه سيستمر لمدة طويله , فبدأت بالتأمل في ظروف الحياة : في الاوضاع الاجتماعية , السياسية , المالية وحتى الدراسية , لم يفلح الامر فقد زادني هذا التأمل عصبية و قلق , حاولت التأمل بكلمات الاغنية المنبعثة من السيارة الواقفة بجانبي " انا ضايق و بالي ضايق وجوي ضايق ضيقن كايد " اعدت اغلاق زجاج سيارتي ولن اكتب ماشعرت به عند سماعي لتلك الكلمات الغبية مع احترامي الشديد للمطرب والشاعر لكن وقت اختيار هذا النوع من الاغاني و جعله يردح في الجو خاطيء جـــدا ً , المهم انني حاولت التأمل بعدها في وجوه من حولي , بالنسبة للذي كان بجانبي الايمن " صاحب الاغنية المكدره للاجواء " كان بشوشا جدا والابتسامة او استطيع القول الابتسامة العريضه لم تنفك عن الاختفاء – فعرفت انه انسان متناقض حتى مع نفسه - , اما بالنسبة لصاحب السياره يساري فكان رجلا ربما لم يتعدى الاربعين سنة , في الوهلة الاولى اعتقدت انه وحش فاغر فاهه يريد التهام مقود السيارة ولكني وبعد ثواني علمت انه كان يتثاءب فقط وملامح النوم تغزو كل ذرة من ذرات وجهه و في كل 4 ثواني يرفع نظارته الشمسية و يقوم بتنظيف عينه بالمنديل , حاولت كسر زجاجيته وخرجت بالاتي : - بانه لم ينم طوال الليل بل وكان مسمرا امام شاشة حاسبه الالي والله وحده يعلم بما قد كان يشغله عن الراحة والنوم , لن اتكلم عن الذي كان امامي فانا لم اشاهد شيئا من وجهه الا عيناه المنعكسة من خلال مرآته الامامية , لا اريد الاسهاب في الحديث عن جميع من مر بجانبي في تلك الفتره والا فلن انتهي , المهم ان الجميع اتجه إلى مكانه, قد يكون مكان عمل او مكان للدراسة او حتى مكان للبحث عن حب جديد,المهم ان للجميع مكان يسعى اليه , فجميعنا غارق في العمل غارق في الدراسة و في ضيق الوقت ومع هذا ما اكثر الفراغات التي نعيشها كل يوم.
يبدو انني وكعادتي قد اسهبت الحديث في المقدمة وكدت ان اخرج عن اطار موضوعي الاساسي , ربما خرجت وانا لا اعلم ,, لا ادري , فأنا اردت الحديث عن قيادة السيارات و عن شوائب الشوارع , فالابدأ في الفن الكويتي الاصيل في قيادة السيارة , فقياد المواطنين للسيارة لا تختلف كثيرا عن قيادة الحكومة للوطن نفسه , يتخبطون في ادارة حركة العجلة و يفقدون السيطرة عليه , فيتوهون في تحديد المسار الصحيح ثم يصلون الي المكان الخطأ و يلقون اللوم على اللافتات ويتحمل غالبا اعباء كل تلك الخبطات اقوام لا حول لهم ولا قوة , لا يحترمون حق المشاة في العبور الا في حالة واحده و هي مرور حسناء فائقة الجمال تبدي نيتها الصادقة في تلبية حوائجهم اذا اسدوا لها خدمة واحدة وهي الوقوف للمرور, والشاطر من ينتهز الفرصة للعبور معها .
فأثناء سيرك في الخط السريع يجب عليك حساب المعادلة من جميع الأوجه , فلا تاخذك العزة بالحق في تفكيرك ان القانون قد اعطاك الاولوية لتغرد في الطريق كيف تشاء, فاذا رايت تريله كبيرة تقبل من بعيد و على ظهرها مجموعة كبيرة من السيارات , عليك أن تفسح المجال و الابتسامة تملا محياك فلا تعترض له و لا تنكر عليه , و ذلك لأنه يعتقد ان الأرض جعلت مسارا لما يقوده ..!
في كثير من الأحيان قد يحدو بك القدر لتصادف سيارة مخالفه للطريق و معاكسه لاتجاه حركة السير – تحدث كثيرا داخل الجامعة- و حين يضيق بك الشارع فلا ملجأ و لا منجا منها الا بكبح الفرامل حتى تشم رائحة " التواير " و حين تعقد حاجبيك مغتاظا مما فعله السائق تراه أمامك كصخر يصيح باعلى صوته " ما تشوف انت " ! فتتبلد فيك كل الأحاسيس و تردد قائلا:- كيف السبيل إلى عقلك , ارجوك دلني..!
في الليل عليك بتشغيل الحواس سواء كنت ماشيا او راكبا , ففي كثير من الاحيان تمر من امامي بعض المركبات كالشياطين الهاربة من ذكر الله , لا أراها بعيني , بل اسمع صدى صوت المكينة ..!
كل تلك الملامح تعبر عن واقع معاش و حقيقي .. تعودت عليه مع مر الايام و كثرة التجارب ..وامنيتي الوحيده هي ان يأتي يوم واحد فقط و يخالف المعهود و المعتاد .. ولكن هيهات .