إنتهيت منذ لحظات من مشاهده فيلم ثقافي بعنوان ( الســم ) وهو من إنتاج قناتي المفضله الجزيرة الوثائقية ، الفيلم يسرد بعض القصص الواقعيه لبعض الاشخاص الذين تعرضت حياتهم للخطر بفعل تعرضهم للدغات او قرصات بعض الكائنات التي تشاركنا الكوكب ولكنها اتخذت من السموم اما وسائل دفاعيه او وسيله لشل الفريسه لتتمكن من التهامها ، (الحيه ذات الجرس ، العناكب، قنديل البحر ، بعض انواع الأخطبوطات ، النحل ، البكتيريا المنتجه للسموم) ، كل هذه الكائنات تعتبر منتجه للسموم وتختلف في نوع السم ودرجه سممومته وخطورته على حياة الانسان -ما اضعف الانسان- في الحقيقه متابعه الفيلم تشعرك بالخوف من جميع الكائنات التي حولك ، فجرح بسيط تتسبب به انزلاقه خلال لعبه كرة القدم قد تهدد حياتك لو تصادف وجود نوع من البكتيريا السامه في تربة الملعب ،
ولكن الجميل ان العلماء قد استفادوا من تلك السموم واستطاعو استخراج العديد من الادويه والعقاقير التي انقذت حياة الملايين ، فسبحان من خلق الداء ومن اخرج منه الدواء
القليل منا قد يكون تعرض في حياته لهجوم سام او يكون قد خبر اثر تلك السموم بنفسه ، اما انا فان ا قصى ماتعرضت له هو لدغه من نحله ، حيث كنت في الجامعة و جزاء لتطفلي على نحلة باغتتني بلدغه ، كانت شديدة الالم وبعد دقائق بسيطه تورمت يدي بصوره غير طبيعيه وذلك لان النحله تحقن الجسم بكميه بسيطه من السم هي مؤلمه ولكنها غير قاتله ، يكفيها ان تطرد المتطفلين ، طبعا قد تكون لدغه كهذه مميته للبعض ممن لديه حساسيه لسم النحل اتمني ان تكون هذه خاتمه التجارب السامه في حياتي ،
من أكثر الكائنات سميه مايسمى الأرمله السوداء وتسمى بذلك لأن الأنثى تقوم بقتل الذكر وأكله بعد انتهاء عمليه التزاوج ، عن نفسي أجد هذه التسميه من أكثر الاسماء طرافه في عالم الحيوان ،ففي حين أجدها مخيفه ولكنها طريفه .
رغم أن القليل منا من خبر أو عانى من تجربة قاسيه مع تلك الأنواع من السموم ولكن لو تأملنا في حياتنا اليومية لوجدنا أننا نتعرض كل يوم لأنواع اخرى من السموم قد تكون اكثر ضررا واشد ايلاما من سم الارمله السوداء ،
والمختلف في هذه السموم في انها ليست جميعا تاتينا عبر مصادر خارجيه او لدغات غادره ولكنها قد تصنع وتتكون في دواخلنا فنحن من نصنعها ونحن من نتلوي بألامها
المشاعر السلبيه ، بكل أشكالها من يأس وقنوط وفكر سوداوي لا تقل سميه والما عن لدغه الحيه ذات الجرس
الحسد والحقد والكراهيه واساءه الظن بالأخرين سم قاتل يسري في روحك ويتلف كل خليه حيه فيها
السلبيه واللامباله سم متوارث نتناقله بدون أن نعلم مدى خطره كما نتناقل البكتريا عند المصافحه
الغرور الكبر وظلم الأخرين مولدات لسموم تقتلك وانت لا تعلم .
العادات السلبيه في حياتنا من عدم احترام للوقت وحتى عدم المقدره على الإصطفاف في طابور هي سموم سوداء تقتل الحياة وتنخر عظام الحضاره .
العشرات من الأفاعي والعقارب والعناكب تسري في دمائنا وتسكن في خرائب عقولنا وأحراش أرواحا وتبث سمومها ونحن لا نعلم حتى تباغتنا الوفاة ، وقد تأتي وفاة الجسد متأخره بعد وفاة الروح والقلب والعقل ، وحينها نكون كأعجاز نخل خاويه سرعان من تهوي .
لو تذكرنا بعض المواقف في حياتنا وتذكرنا الألم الذي كنا نعيشه لحضتها حينها سنعلم أن لدغات الافاعي ولسعات قناديل البحر أخف الما وأقل سما مما عانيناه جراء تلك المشاعر أو الأفكار التي عايشناها، ولتيقنا أن في جوف كل منا حيوانا ساماً نائماً . والأشد إيلامنا حين نتحول نحن الى حيوانات نفرغ سمومنا في أقرب الناس منا .
فالنفتش عنها في السنتنا قبل ان تنطق وفي عقولنا بين أفكارنا وفي سراديب ارواحنا ، فالنفتش عن تلك السموم ، ربما وجدناهاا ، تخلط سمها لتنفثه في كلمه ستلفضها لحبيب أو قريب أو تخلطه بفكره توقعك أسيرا لسنوات أو تبخره في روحك كدخان سحري مسموم يخدرك بأوهام وخيالات . فالنفتش عنها قبل أن تنطق وقبل أن تفكر وقبل أن تشعر فإن وجدتها فقتلها وأتلف سمومها وأفسد غزلها ، وتلفت حولك لمن نفثت فيهم سمها من خلالك ، فلديك المصل المضاد لتداويهم فقد يكون في ذلك تكفير عن ما سببته لهم من آلآم .